ما الذي يجعل مسؤولاً عربياً يستقيل؟! - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


ما الذي يجعل مسؤولاً عربياً يستقيل؟!
نبيه عويدات - 10\11\2012
يستقيل المسؤولون في العالم غير العربي من مناصبهم لأسباب تجعلنا نحن العرب نستغرب أن يُقدم مسؤول، بيده الكثير من الصلاحيات والقوة، على الاستقالة، بالرغم من أن القانون في هذه الدول، في كثير من الحالات، لا يجبر  هذا المسؤول على الاستقالة.. ولكنه مع هذا يفعل.. فما الذي يدفعه لذلك؟

شهدت السنتان الإخيرتان الكثير من هذه الاستقالات في العديد من الدول، دون أن تتسبب بإراقة قطرة دم واحدة  لمواطنيها، أو أن تعطل الحياة العامة فيها، بل أنها أصبحت دروساً جديدة في المواطنة، ونقاطاً منيرة في تاريخها، تبين كيف يضع المسؤولون في  هذه الدول منظومتهم الأخلاقية ومصلحة أوطانهم فوق كل اعتبار.

أفقنا اليوم على نبأ استقالة رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية، ديفيد بيتريوس، معترفاً من تلقاء نفسه بأنه  أقام "علاقة غرامية" خارج إطار الزواج، معتبراً أن هذا كان تصرفاً غير مقبول من قبله كمسؤول رسمي.

في الثاني من أبريل هذا العام استقال رئيس دولة المجر، بال شميت، بعد اكتشاف أمر تورطه في سرقة أجزاء من  الرسالة العلمية التي حصل بها على شهادة الدكتوراة. وقال الرئيس شميت في خطاب استقالته أمام البرلمان  المجري: إن "الرئيس يجسد وحدة الأمة، وفي الموقف الراهن أشعر بأنني ملزم بالتخلي عن منصب الرئاسة".

في السابع عشر من شباط هذا العام استقال الرئيس الألماني، كريستيان فولف، لتورطه في فضيحة مالية قبل أن يصبح  رئيساً للبلاد. وقال فولف في بيان متلفز أن "ثقة الشعب تأثرت فيه" وهذا ما حمله على الاستقالة. أما الفضيحة  المالية التي تورط فيها فولف، قبل أن يصبح رئيسا، فهي شبهات غير مؤكدة حول قبوله، إبان توليه منصب حاكم الولاية، قرضا ماليا ميسراً من أحد البنوك التي يديرها صديقه.

في الرابع من نوفمبر العام الماضي قدم رئيس وزراء اليونان، جورج باباندريو، استقالته من الوزارة بعد  الاحتجاجات التي شهدتها البلاد على سياسات التقشف التي نفذها للخروج بالبلاد من أزمتها الاقتصادية.

هذه الأستقالات شهدناها في أقل من سنتين خلت، وهناك المئات من حالات الاستقالات هذه على مر التاريخ المعاصر،  أذكر منها استقالة رئيس الوزراء الإسرائيلي، إسحاق رابين، في العام 1977، بعد اكتشاف أن زوجته تملك حسابا في  أحد البنوك الأمريكية، وفيه مبلغ 500 دولار حصلت عليها لقاء محاضرة ألقتها في نيويورك، ولم تصرح عنها لمصلحة الضرائب الإسرائيلية.

في بلادنا العربية يحول المسؤول البلاد إلى مزرعته الخاصة، فيسرق مقدراتها ويستعبد أهلها، ويعيث فيها فساداً  هو وأتباعه، يسجن مئات الآلاف من أهلها، ويقتل عشرات الآلاف الآخرين، ويعرض مصير البلاد لخطر الزوال.. ولكنه لا يفكر حتى بالاستقالة...

فما الذي يجعل مسؤولاً عربياً يستقيل؟!

ملاحظة: التعليق على هذا المادة بالاسم الصريح فقط